الديباجة:
عرفت المنظومات التعليمية العربية والعالمية رجَّات كبرى في السنوات الأخيرة بسبب التسارع الهائل في تكنولوجيا المعلومات، وما أدى إليه ذلك من تغيرات واضحة في طرائق التعلم وأهدافه ومن انتكاسات بارزة في تجاوب المتعلمين مع البنيات التعليمية الكلاسيكية حتى ما قام منها على البيداغوجيات النشطة أو تلك التي اعتبرت حديثة إلى حدٍّ ما؛ فلم يعد مقبولا إزاء هذا الوضع أن نقف جامدين بدون حراك في مواجهة الكم الهائل من النقاشات الفلسفية والنظريات القائمة على تطلع حثيث نحو فلسفة تربوية جديدة بمواصفات ومعايير ثورية يمكنها أن تساير تحولات المجتمعات المعاصرة المتصلة (دافيد بيل، 2001)، وتناسب المتعلمين وتشبع حاجات من تم الاصطلاح على تسميتهم ب"جيل النت" "NET GEN" بما ينعكس واقع المتعلمين المباشر، ويُعزِّز قدراتهم على التكيف الاجتماعي، والتمكن من اكتساب مهارات ناعمة لمجتمع معرفةٍ ينحو بسرعة فائقة نحو الرقمية المُمتدّة، حيث الحديث عن قيم جديدة ستتحكم في تحديد خارطة مخرجات المستقبل القريب والبعيد من قبيل "الذكاء الجمعي" (بيير ليفي 2001)، والانفتاح الكوني، والحرية الإبداعية، والفعالية التعلمية، والانتقائية الواعية، والمرونة المعرفية والمهارية، وتعددية إيقاع الاكتساب، ومحورية المتعلم الرقمي، والتعلم مدى الحياة (تريلينغ وفاضل، 2009).
وفي هذا الإطار، يأتي الكتاب ليطرق موضوعاً شديد الراهنية والإلحاح في مقاربة المنظومات التعليمية العربيةن خاصة بعدما أثبتت التقارير الدولية والمحلية اختلالات عميقة في المسارات والأهداف والمُخرجات، مقارنة مع بلدان أخرى استطاعت أن تثبت جدارتها التجديدية وصرامتها الإصلاحية بتبوئها مصافاً متقدمة.
وبغض النظر عن طبيعة الخطاب التيئيسي المهيمن الذي يضع حواجز شبه ثابتة، ويرسم حدوداً للتقدم المتوخى في التعليم بدعوى الواقعية، وضرورة الاستسلام لإكراه الفجوات المتراكمة عبر عقود، فإن فرص التطوير واللحاق بالركب العالمي عملياً ليست معدومةً في ظل الانفتاح الرقمي الذي ما طفق يقلِّصُ الهوة بين المجتمعات، ويدفعها نحو ما أسماه "ماكينزي" بالحتمية التكنولوجية (دونالد ماكينزي، 1999)، ويعدِّل التصورات والرؤى الكلاسيكية حول مفهوم القوة بما يجعله قائماً على اقتصاد معرفة يزاوج بين المعرفة الرقمية والاقتصاد إثر تصاعد القوة الناعمة ممثلة في الأفكار المبتكرة، والجسور الممتدة بين المكتسبات المهارية وامتدادتها الحياتية في سوق شغل تمثل الرقمية عصبه الرئيس.
لهذا، فإن الكتاب سيتمحور حول المهارات الحياتية في المنظومات التعليمية العربية، مع التركيز على زاوية من زواياها المهمة وهي تلك التي تهمُّ تدريس اللغة العربية نفسها بوصفها مادة مدرسة من جهة، وحاملة للقيم، ووعاءً للمعارف المتداولة في الكثير من هذه البلدان من جهة ثانية، حيث ستتمحور فصول الكتاب ومحاوره حول إشكالية رئيسة قائمة على سؤال التجديد في تدريس اللغة العربية انطلاقا من الاستجابة لحاجيات المجتمعات العربية في ظل الهيمنة الرقمية، وتسيُّدِ المهارات الناعمة في الاقتصاد والسياسة والاجتماع (باسي سالبرغ، 2015).
وإذ يسعى الكتاب إلى الإجابة عن هذه الإشكالية وما يتفرع من أسئلة حيوية في تعليمنا العربي، فإنه يتطلع إلى أن تكون الأبحاث المُعدة ابتكارية في تصوراتها وطروحاتها، وعملية قابلة للتنزيل في واقعنا المعاصر الراهن، وينمن التخطيط لتنفيذها في المستقبل القريب. على أن تكون مستندة إلى أرضية مرجعية نظرية وفلسفية رصينة في رصدها وصيغها الاقتراحية.
وبناءً على ما سبق، تتشرف لجنة التحرير بأن تدعو الباحثات والباحثين من الممارسين والمختصين والمهتمين إلى المشاركة في هذا الكتاب بأبحاث ودراسات نظرية وعملية حسب المحاور الآتية:
المحاور:
- المحور الأول: المهارات الحياتية وتدريس اللغات. مداخل مفهومية وسياقية.
- المحور الثاني: المهارات الحياتية وتدريس اللغات: مداخل فلسفية ورؤى مرجعية نظرية.
- المحور الثالث: المهارات الحياتية وتدريس العربية بالتعليم الابتدائي: ملامح الانطلاق وإرهاصات التجسير.
- المحور الرابع: المهارات الحياتية وتدريس العربية بالتعليم الثانوي بين ضغط الحاجة وآفاق التنزيل.
- المحور الخامس: المهارات الحياتية وتدريس اللغة العربية بالتعليمين الجامعي والمهني التخصصي: فعالية المنجز في ظل اكتمال المخرجات التعليمية.
- المحور السادس: المهارات الحياتية في تدريس اللغة الأم: تجارب رائدة.
- المحور السابع: ترجمة نصوص تأسيسية.
شروط كتابة المقال:
- أن يكون غير منشور سواء جزءا منه أو كله، ورقيا أو رقميا أو بأي ووسيلة نشر أخرى
- استحضار الجدة والأصالة في التناول والتوثيق من المصادر والمراجع وليس بالواسطة
- الكتابة بخط ((sakkal majalla 16 في المتن و14 في الهامش
- عدد الصفحات لا يقل عن 15 صفحة ولا يتحاوز 25 صفحة
- تباعد الأسطر 1.5 سنتمتر؛ الهوامش (Marges) 1.5 من الجهات الأربع
- الهوامش أسفل كل صفحة مع قائمة المصادر والمراجع آخر المقال
- كتابة المراجع باللغة الأجنبية من اليسار إلى اليمين
لجنة التنسيق والإعداد:
د.محمد بنلحسن
د.رشيدة الزاوي
د.أنوار بنيعيش