الإشكالية، الأهداف، المحاور والضوابط:
قيل: “كاد المعلّم أن يكون رسولا”، وقيل: “من علّمني حرفا صرت له عبدا”، وقيل أيضا: “التعليم في الصغر كالنّقش على الحجر” أمام هذه الشعارات التي تُرفع من حين إلى آخر لتمجّد المعلّم والتعليم، وتَرفع من شأن المتعلّم وصاحب العلم، ترتفع أصوات فازعة من هول مشهد تهاوي التعليم في واد سحيق فتتناثر نتائج هذا المشهد مؤثّرة في كلّ المنظومات الاجتماعية والاقتصادية والسّياسيّة والثقافيّة. ذلك أنّه مهما تغيّرت المجتمعات وتحوّلت في أنماط حياتها وتطوّرت في ثقافاتها على مرّ الزمان، فإنّ المحرّك الأوّل لهذه التحوّلات هو المعلّم لأنّه يؤسّس لها انطلاقا من النشء الذي يتعامل معه.
– ولمّا كان سياق الحديث عن المعلّم هنا سياقا تأسيسيّا تتمحور حوله القيم الاجتماعية المختلفة، فإنّ صورة المعلّم ضمن هذا السّياق تبدو ناصعة البياض ينبغي إزالة ما علق بها من شوائب للكشف عن تأثيرها في المجتمع. ثمّ لمّا كان المجتمع في جلّ أبعاده وتشكّلاته هو انعكاس بصورة أو بأخرى لما أسّسه المعلّم في مرحلة ما من مراحل التنشئة، فإنّ البحث عن المعلّم الفعّال اليوم أمر ضروري، ويتأكّد ذلك ضمن سياق اجتماعي عالمي أو محلّي متميّز بعديد المستجدّات لاسيّما الطّابع الرّقمي الذي سرى حقيقة بعديد التشكّلات والأنماط التي لا تخفى على أحد، وقد اصطبغت كلّ المجتمعات بهذا الطّابع طوعا أو كرها، فلا مناص من التّفاعل معه. وإذا كانت الرّقمنة ظاهرة حضاريّة أزالت الحدود الجغرافية ورسمت ملامح الإنسان العالمي والمكان الواحد، وأدمجت كلّ البشرية ضمن مسار تفاعلي يكشف عن أسرار وخبايا الثقافات المتنوّعة والمختلفة. فإنّ التطرّف سلوك يمارسه الإنسان تبعا لمعطيات ثقافية وقناعات إيديولوجية يتشرّبها منذ النّشأة الأولى داخل الأوساط التربوية المختلفة، لا سيّما المدرسة، باعتبارها ذلك الاطار الاجتماعي التربوي الذي يتفاعل داخله المعلّم والمتعلّم والمعرفة. ولا شكّ أنّ هذا التفاعل هو الذي يساهم في تشكيل صورة المتعلّم وبناء سيرورة ذهنية معيّنة سيبدو أثرها جليّا في بناء المجتمع. وهنا يظهر السّؤال ملحّا حول فاعلية المعلّم، باعتبار ما له من الوعي بذلك التفاعل المستمرّ بين المؤسّسة التربوية والمؤسّسة الاجتماعيّة، وما له من وعي بأنّ التّغيير قانون ثابت، وبأنّ لكلّ عصر خصوصياته، إذ يتميّز القرن الحادي والعشرين بجملة من المهارات عرّفها بينكلي وزملاؤه (2011 Binkley et al.,) بأنها ” طرق للتفكير، والعمل، والعيش في عوالم متصلة، غنية بالوسائل الإعلامية”.ونحتاج لهذه المهارات بسبب عدة تغيرات أبرزها ما ذكره كلاً من ترلينج وفادل (Trilling and Fadel, 2009/2013 في كتاب مهارات القرن الحادي والعشرين التعلّم للحياة في زمننا ) وهي: التحولات الضخمة في مجالات التقنية والاتصال، وازدياد التنافس وتنامي حدة التحديات العالمية مثل الانهيارات المالية وارتفاع حرارة الأرض، والحروب والتهديدات الأخرى للأمن والتضخم السكاني، مما يستدعي تنمية مهارات التفكير لدى المتعلّمين لمواجهة تلك التحديات، والفجوة الواسعة بين العالم داخل المدرسة وبين العالم خارجها، والاقتصاد المعرفي حيث يتطلب عصر المعرفة إمداداً ثابتاً من العمال المدربين جيداً، وعمالاً يستخدمون القدرات العقلية والأدوات الرقمية في تطبيق مهارات معرفة جيدة في عملهم اليومي. واستجابة لمتطلبات القرن الحادي والعشرين سعت منظمة الشراكة من أجل مهارات القرن الحادي والعشرين(Partnership for 21st Century ) وهي منظمة مؤلفة من شركاء تجاريين وصنّاع سياسة ومعلمين، لتحديد مهارات القرن الحادي والعشرين وهي كما يلي:
– مهارات التعلم والابتكار التي تتكون من: مهارات الابداع والابتكار، ومهارات التفكير الناقد وحل المشكلات ومهارات الاتصال والتعاون.
– مهارات المعلومات ووسائل الإعلام والتكنولوجيا وتتكون من: الثقافة المعلوماتية، والثقافة الإعلامية، والثقافة التكنولوجية.
– المهارات الحياتية والمهنية وتتكون من: المرونة، التكيف، المبادرة والتوجيه الذاتي، والمهارات الاجتماعية، والإنتاجية والمحاسبية، والقيادة والمسئولية.
والمعلّم الفعّال هو المعلّم القادر على تنمية هذه المهارات لدى المتعلّمين. ولكن كيف يستطيع ذلك وهو محكوم بضوابط ذاتيّة وأخرى موضوعيّة؟ وإذا شكّلت هذه الضوابط عوائق، فهل يصعب التخلّص من ربقتها؟ ألا يمكن أن تكون هناك بدائل تصنع فاعليّة المعلّم؟ حتما هناك بدائل كثيرة، ولكن ما السّبيل إلى الكشف عنها؟
كيف يمكن للمعلّم في المجتمع الرّقمي والذي يعاني من ظاهرة التطرّف أن يتموقع ويترك أثرا يكون بمثابة المحرار الذي يقيس هذه الظواهر ويعدّل في الوقت نفسه ارتقاء المجتمع وفق معايير قيميّة وأخلاقية منشودة؟
وإذ سلّمنا بأنّ المعلّم هو الربّان الذي يوجّه دفّة المجتمع نحو المرافئ المختلفة، فإمّا شاطئ الرقيّ في جميع المستويات، وإمّا التيه بين أمواج التقهقر والمعاناة، فإلى أي مدى يمكن أن يتجلّى موقع أو دور المعلّم في المجتمع الرّقمي الممزوج بتفشّى ظاهرة التطرف والإرهاب؟
نطرح هنا هذه الإشكاليات لنجتهد في الكشف عن الحلول الممكنة باستعمال الوسائل المتاحة والتوق إلى الوسائل غير المتاحة. ويمكن للمشاركات في هذه الندوة أن تنجلي عن مخرجات تجيب عن هذه الاشكاليات من خلال الاستئناس بالمحاور التالية:
1. مفهوم “الفاعليّة” وتطبيقاته على المدرّس والمدرسة
2. مفهوم “الرّقمنة” وتجلّياتها في المجتمع والمدرسة
3. مفهوم “التّطرّف” وتشكّلاته عبر الزمن في المجتمع والمدرسة
4. التدريس وفق مهارات القرن 21 بين الحاجة والممارسة
5. العلاقة بين تدريس المعارف وبناء المهارات
6. المدرّس الفعّال بين الموجود والمنشود
7. ملمح المدرّس الفعّال وترسيخ القيم الاجتماعية والإنسانية
8. عوائق الفاعليّة في المدرسة بين الموضوعية والذاتية
شروط المشاركة بالبحث أو المداخلة:
إرسال السيرة العلمية لأصحاب المشاركات في الندوة ، يكون العمل جديدا لم يعرض من قبل في ندوة علميّة ولم ينشر سابقا ، يكون المحتوى مرتبطا بموضوع النّدوة أو بمحور من محاورها، تكون لغة الكتابة عربيّة أو فرنسيّة، بخطّ الكتابة Traditional Arabic ، العنوان بمقاس 16 والملخّص والبحث أو المداخلة بمقاس 14، يكتب الاسم الكامل لصاحب الورقة البحثيّة (مقاس 14) وصفته العلميّة والمهنيّة ومؤسّسة انتمائه (مقاس 12) مباشرة تحت العنوان، تكتب الهوامش في أسفل الصّفحات بمقاس 12، تكتب المراجع والمصادر في نهاية البحث أو المداخلة. إرسال الملخّص في صفحة واحدة
رسوم الفعالية:
للمشاركين بالبحث أو المداخلة أو المشاركين بالحضور والمرافقين: معلوم المشاركة بصفة إقامة كاملة بدار الضيافة “دار زغوان” إقامة بديلة ذات مسحة طبيعيّة لمدّة ليلتين 290 دينارا من تونس و 200 أورو من خارج تونس، ويشمل هذا المعلوم التنقّل من دار الضيافة إلى مقر الندوة بالمعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بزغوان ( حوالي 10كلم)، معلوم وجبة الغداء لغير المقيمين بين 35 و45 دينارا
يمكن التسجيل في الندوة عبر شبكة ضياء: http://diae.net/55411
مواعيد مهمة:
30 نوفمبر 2017 آخر أجل لإرسال الملخّصات
30 ديسمبر 2017 الردّ على الملخصات المقبولة
15 فبراير 2018 آخر أجل لإرسال المداخلات كاملة
الجهة المنظمة: المعهد العالي للدراسات التطبيقيّة في الإنسانيات بزغوان- جامعة تونس
--------------------
المصدر: شبكة ضياء: http://diae.net/55411