الإشكالية، الأهداف، المحاور والضوابط:
يُعَدّ طَلَب العِلْم مِن الرَّكَائِز الأُولَى التي بهَا تَتَحَقَقُ إنْسَانيةُ الإنْسَان، فَمُنذُ عُهُودٍ بَعِيدَة، تجشّم طٌلاّب العِلْمِ في أَمْصَار الأَرْض مَشَاقّ السَّفَرِ والتِّرْحَال فِي طَلَب المَعْرِفَةِ في شتّى المَجَالاَتِ عَنْ الشُيُوخِ وَالعُلمَاء الذين كَانُوا يُجِيزُون طَلَبَة المعرِفَة وَمُريديهَا.
وَفِي العُصُور الحَديثَةِ بَدْءًا مِن القَرْن التَّاسع عشر إِلَى حُدُودِ النّصْف الأَوّلِ من القَرْن العِشرين سَافر جِيلٌ مِن المُتَعلّمين العَرَب إلى أُورُوبَا لِتَلَقِّي المَعَارِف الحَدِيثَة فِي عدّة مَيادِين، ولمَّا استقلّت البُلْدَان العَرَبية استقدَمَت مِنْ أُوروبَا وَغيرهَا أَسَاتِذَةً وخُبَراءَ نَظَرًا إلى حَاجَتِهَا لبِنَاءِ مَشَارِيعهَا التّربَوِيَة والتّعْلِيمِية في بُعْـدها الحَدَاثِي.
وَلا رَيْب في أنّ المتَعلّمين بمختَلف أَصْنَافِهم مَازَالُوا يَنْهَلُون من العُلُومِ والمَعَارف الجديدة، فالتّلاَميذ يَرْتَادون المَدارِس َوالمَعَاهِد يوميًا، والطَلَبة يَذهبون إلَى الأَقْطَاب الجَامعية طلبًا للعِلم واسْتِكْمَالا لدِرَاسَاتهم العُلْيَا، بَلْ وقَد يُغَادرُ البَعْضُ مِنهُم أوَطَانهم لتحصِيلِ المَعْرِفَة فِي بُلْدَان أَجْنَبيةٍ.
وَهكذا فَإنَّ طَلَبَ العِلِم والمَعْرِفَة ظَلّ مُقْتَرِنًا عَلَى الدَّوَام بِحَرَكَةٍ دَؤُوبَةٍ فِي المَكَانِ والزَّمَان شَملت العَدِيد من النّصُوص التَّاريخية والفَلسفية والعِلمِية والأدَبِية والفنّيةِ والحَضَارية. ولاَ يُمْكِنُ فِي هَذِهِ الحَالَةِ أَنْ نَتَجَاهَلَ مَا لأَدَبِ الرِّحْلَةِ مِن أَهَمّيةٍ فٍي الارْتِقَاءِ بالإِنْسَانية من القُصُـورِ والجَهْـلِ إِلَى التَّنْويرِ والتَّمَـدُّنِ. وَبِنَاءً عَلى ذَلِك فَإنَّ الرّحْلَة في طَلَبِ المَعْرِفَة في شَتىّ المَجَالاَت نَشَاطٌ يَطْرَحُ العَديدَ مِنَ القَضَايَا المُتشعّبةِ وَالموصُولَةِ بالتّعلِيم والمعرِفَة نَشْرًا وتَلقّيًا. ويُمْكِنُ الإشارة إِلَيْها وَايجازها في التَّسَاؤُلاَت التالية:
مَا هِي أنواع المَشَاقّ التي تَحفُّ بِطَلب العِلْم مَاضِيًا وحَاضِرًا ؟ بمَ نفسِّرُ ظَهُورَ مَوْجة الإقْبَال عَلَى أَخْذ العُلُوم وَالَمعَارِفِ من أُورُوبا مُنـذُ عَشَرَات العُقُود ؟ ومَاهي دَوَاعيهَا ومُلابسَاتها والنَّتَائج المُترتّبة عنهَا ؟ وما مَدَى اسْتِفَادة المَنْظُومة التّرْبَوية والتّعليمية العَرَبية من الوَافِدِين الأُوروبيين المُتَعاقدين وَغَيرِهم ؟.وإِلَى أَيّ حدّ يُمْكِن تَقْدِير اسْتِفَادَة البُلـدَان العَربية من العُلُوم الغَربيةِ ؟ وإِلَى أَي مَدَى يمكن القول “إنَّ التَّعليمَ في المَاضِي أَفضَل بِكَثِير ممَّا هُو عَليْه الآن” ؟ ومَا هي دَوَاعي إصْرَار البَعْض عَلى إرسَال أَبنَائهم لاستكمال دراستهم في بُلْــدَانٍ أَجْنبيةٍ ؟ هَلْ هِي الحَاجَةُ الحَقِيقِية والضَّرُورة الملحّة أَمْ أَنَّ المَسْأَلة تَتَعَلّق بمجَرّد الشُّعُور بِأَنَّ الآخَرَ المتقدّم هُو الأَفْضل فِي جَميعِ الأَحْوَالِ؟ ومَا قِيمَة التربّصَـات والبعثَات العِلمية بالخَارِج ؟ ومَـا هِي أَبـرَز إصلاَحَات الأنْظمَة التَّعلِيمية فِي العَالم العَرَبي فِي عَصْر الحَدَاثَةِ وَمَا بَعْدَهَا ؟ ومَا الفَرق بينَ أن يَتَلَقّى المتَعلّم العِلْمَ بِشَكْلٍ مُبَاشِر عَن أَسَاتِذة وَبينَ أَنْ يَكْتَسبَه عَبْرَ وَسَائِل الاتّصَالِ الحَدِيثَة فِي عَصْرِ العَوْلمة والعَوَالم الافْتِرَاضِية حَيْث يَعُمّ العِلْم بِسُرعَةٍ فَائِقَة دِيَارَنا دُونَما الحَاجَة إِلى أَنْ نَتَكَلَّف عَنَاءَ الرّحْلة فِي طَلَبِهِ ؟ وهَل تُضَاهِي مُتْعَةُ القَارِئ في ارتِحَالِه فِي نصُوصِ الأَدَب وَالفَنّ والفَلْسَفَة وَالعِلْم والثَّقَافَةِ طَلبًا للعلم مَتْعةَ المُرْتَحل في المَكَانِ والزَّمَانِ لِذَاتِ الغرَض؟
تِلكَ هي بَعْض القَضَايَا والتَّسَاؤُلاَت التي نَوَدُّ أنْ تُجيبَ عَنْهَا وَعَن غَيْرِهَا المُدَاخَلاتُ العِلْميةُ المنتظَرةُ. وبحكْمِ طَبيعة مَوْضُوع النَّدْوَة الذِي يُلِمّ بِجَوانب شَتَّى أَدَبية وَبيدَاغُوجِية وَنَفْسِية وَاجْتِمَاعِية وَثَقَافِية وَحَضَارِية… وَبِحُكْمِ تَضَافُر هَذِه المَجَالاَت المَعْرِفِية وَالتَّخَصُصَات العِلْمية فَإنّنا نَطْمَحُ من مُعَالجَة مَسْأَلة الرِّحْلَة فِي طَلَب العِلْمِ إِلَى تَعْمِيقِ فَهْمِـنَا للظَوَاهِر والمُلاَبَسَات المُحِيطَة بِهَذَا النَّشَاط الإنْسَاني.
وَإذَا كَانَت رِحْلَة طَلَبِ العِلْم تَعْبيرًا عَنْ تجَارِبَ وَمُغَامَرَات وَرُؤَى للأَنَا والآخر وَعَنْ وَصْفِ تَوْثِيقِي وَأنْثُرُوبُولوجي وإثنولوجِي فَإنَّ في ذلك تَأكيدًا عَلَى أنَّ الوِحْدَةَ الانْسَانِيةَ وِحْدَةٌ مُرَكّبة وَخَلاَّقَة تَقُوُمُ عَلَى جَدَلِية الأَنَا وَالآخر حَيْثُ تُنتجُ الوِحْدَةُ التَنَوّعَ وَيعيدُ انتَاج التَّنوّع الوحْدَة.
وَلِذَلِكَ فَإّنَ الرّحْلَةَ فِي طَلَبِ العِلْم أَضْحَت من المَسَائِل البَحْثِية اللافِتَةِ للنَّظَر فِي عَدِيدِ الاخْتِصَاصَات لِمَا تُثيرُه مِن قَضَايَا مُتشعّبة لَهَا صِلاَت مُتَنوعة بالتَّرْبِية والتَّعْلِيم وَالعُلُوم وَالمَعَارِف، وَقَدْ اخْتَرْنا مجموعةً من المَسَائِل وَزّعنَاهَا عَلَى سِتّةِ مَحَاور رَئِيسية، وَعَلَى البَاحِثِين الرَّاغِبين فِي المُشَارَكة فِي هَذِه النَّدْوة أَن يُرسِلُوا أَعْمَالهم في هَذِهِ المَحَاور.
الندوة برعاية شبكة ضياء، وللتسجيل في الندوة عبر الشبكة: http://diae.net/55815
محاور النَّدوة:
1– دَلاَلاَت الرّحْلَة فِي طَلَب العِلْم وَالمَفَاهِيم الحَافَّة بِها.
2– الأَبْعَاد المعرِفِية للرِّحْلة.
3– الرِّحلَة وقَضَايَا العَصر.
4– أَثَرُ الرّحْلَة فِي المَسَائِل التَّربَويةِ والبيدَاغُوجِيةِ
5– رِحْلَة التَأثُّر وَالتَّأثِير بَيْنَ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ.
6 – رِحْلَة القَارِئ فِي النُّصُوص الأَدبية وَالفَنِيّة وَالحَضَارِيةِ..
رسوم الفعالية: 200 أورو للأجانب و200 دينار للتونسيين.
مواعيد مهمة:
نَظَرًا إلَى أَهميةِ مَوَاد هذِهِ النَّدوةِ، فَإنَّ الجهةَ المنظمةَ تَطمَحُ إِلى جَمْع المُداخلات العلمية القيّمة قَصْدَ طَبْعها وَنشرهَا لتعمَ فَائدَتها، لذَلِكَ يُرجَى من السَّادَة الأَسَاتذة والبَاحِثين الكِرَام الذين يوّدُون المَشَارَكَة في هَذِه النَّدْوة الدُوَلِية مُرَاعَاة المَوَاعيد التَّالية:
• يوم 10 ديسمبر 2017، آخر أَجَل لإرْسَال عَنَاوين المُشَارَكَات ومُلخصاتها، مَعَ سِيرَة ذَاتية مُوجَزة عَن طَريق العُنْوان البَريدِي
• يوم 20 ديسمبر 2017 ، الإعْلاَن عَنْ الملخصَات المَقْبُولَة.
• يوم05 فبراير 2018 آخر أَجَل لإرْسَال نُصُوص المُشَارَكَات كَامِلة؛ شَرِيطة أَن لاَ تقل عن 15 صَفحة، ولا تزيد عن 20 صفحة.
• يوم 25 فبراير الإعْلاَن النِّهَائِي عَن المُشَارَكَات المَقْبُولَة وَتَوْجِيه دَعَوَات رَسْمِية للمُشَارِكِين.
• أَيَّام 11 و12 و 13 أبريل 2018. تَاريخ انْعِقَاد النّدْوة بالمَعْهَد العَالِي للدّرَاسَات التّطبيقية في الانِسَانِيات بالمَهْدية. الجُمْهُورِية التُّونِسِية.
الجهة المنظمة: المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الانسانيات بالمهدية، وهي مؤسسة جامعية راجعة بالنظر لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالجمهورية التونسية.
الهاتف: 73688510
اسم المضيف: المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بالمهدية
---------------
المصدر: شبكة ضياء: http://diae.net/55815