بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن بآثارهم اقتفى..
أما بعد :
فإنّ لعلم المقاصد شجونا يعتريه الصفاء والأجون باعتبار الزمان والمكان على وجه تخاصم مسلماته الأقلام وتتشجار عنده الحجج حال فساد الزمان، لأجل ذلك اعتكفت طائفة على رد منظوماته لعدم العلم بحقائقه المقصودة، و سكتت مذاهب الورع وقوفا عند ظواهر المعهودات المألوفة، فرضيت بما أوحى به التأصيل دون بيان لما يدفع عن المتحير الريب، و انتخبت فئة منهج الترديد، فعلقت الوافد الجديد بضوابط وشرائط تجنب السالك الشطط والحيف من غير إسراف ولا تقتير..
بيان ذلك: أنّ المعتكف على تحليل الخطاب الشرعي ودرك مراميه ليقف متحيرا عند عتبة المنهج المنتخب والمسلك الأمثل الذي يجاريه للوصول إلى ملامسة القصد تربصا بمراحل السير وَفْقه...
وقد تلوح للناظر أمارات الاهتداء حيث وجوب جلب الصلاح ودفع الفساد دون أن تزاحمه استدراكات المتوسمين أو أن تنتقده، لكونها القدر المشترك للحادي والقاصي والداني، ولكن سرعان ما يذب النزاع عند تحقيق مناط النفع والضرر وتخريجه وتنقيح مآخذه، ويزداد التابع حيرة عند ردود الأفعال والأقوال بين المتبوعين الموقعين عن التشريع فتحرجه الاحتمالات، وتدحرجه التبعية لقلة ذات اليد وكثرة العد.
تعددت مناهج الوصول آحادا وتواترا، وتوزعت نظرات المتوسمين ائتلافا وتنافرا باعتبار ما تتشوف إليه تيامنا وتياسرا، فكان السالك ضابطا أو محصلا أو مستدركا أو مستثمرا، وتأيّد المتفرد بأن رابعت إليه الخصال تباعا وخلفة وتباريا، ونهضت أطلاؤها من كل مجثم منحة وطواعية، وإذا أرخى الليل سدوله وأظلم، فعند الصباح يحمد القوم السرى، ويبصر ذو العينين منازل القرى، فينصب الخيام إقامة، ويكفئ القدور كفاية...، فـ"اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد أتاهم ما يشغلهم"، كبلتهم الأحكام والحكم، وشيبتهم في الورى الأسفار والأقلام، بجلب الصلاح ودرء الفساد حيث شاء العلاّم..
كشف مسبار ذي المقلتين عن طائفة من التأملات والمسالك على وجه أينعت عنده المدارس المألوفة والطرق المحفوفة، فكانت على أربعة أنحاء: مدرسة ضبط المتون ومدرسة تحصيل الأصول والمناهج، ومدرسة تمحيص الأصول والمناهج، ومدرسة الاستثمار، وعند التراجم توزعت مناهج أهل العلم فكانت على ثلاثة أنواع: المنهج الفقهي، والمنهج الأصولي، والمنهج المقاصدي...
وعند عتبات النهج المقاصدي تفرقت الطرق إلى ثلاثة: طريقة الشاطبي، وطريق ابن عاشور، وطريقة المقامات والارتقاء...
من أجل ذلك انتخبنا -للإفادة في ملتقى الأحبة- علم المقاصد حيث النفحات التي تستهوي الراغب بالأسحار، وتلحّ على أسير الأبواب والأستار حيث تزينت بدثار العفة وشعار الأبكار، فخطبت ودّ العزائم الأخيار، وأخذت بالحيازيم إلى حياض بنات الأفكار...، حيث ألقت النظرات شباكها على الأوزاع، على بطنٍ ورجلين وأرباع، وضربت الأخماس في الأسباع، والله يهدي من يشاء إلى معترك وادي السباع..
إن الاشتغال بعلم الأسرار المشروعة يقتضي أزودة تستغرق بيان العشيرة، وعوائد أهل العتيرة، ومناسبات أرباب الوتيرة، وهمم أحكمتها المريرة، وملاك ذلك كله: أنّ الأئمة لزوما من قريش، وأنّ النّاس تبع لهم ما بقي منهم اثنان، والريادة للآحاد حيث أبان...
إن علم المقاصد عميق بحره، أكثر الناس فيه التصرف دون تكلف، فورث ذلك تراثا زاخرا بالإبداع و التحقيق، و شدت لطياته مطايا وأرحل، ومن جملة الاستدراكات على حياض ذوي الهيئات " تحقيق القول في استقلالية علم المقاصد من حيث حقائقه، ومناهجه، ومصطلحاته، ومدارسه، ومسالكه.."، موجهين دفة التحرير وجهة قاعدة اقتنصناها من رسوم الحذاق " و هي أن العلوم تتمايز بتميز المذكورات السابقة ".
وقد انتظمت محاور ملتقانا على النحو الآتي:
المحور الأول: في المناهج
مناهج التنظير والتأصيل (المناطقة، الفقهاء، الأصوليون، وأهل المقاصد)
المحور الثاني: في المصطلحات
(تقنين المصطلح، دلالة المصطلح، التطور الدلالي للمصطلح)
المحور الثالث: في المدارس
مدارس التنظير والتأصيل
المحور الرابع: في الاستدلال
(طرائق الاستدلال، وجوه الاستدلال)
المحور الخامس: التطبيقات
(النوازل العلمية والعملية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية)
و الله نسأل أن يكون خالصا لوجهه الكريم ليس قالصا..
تنبيه هام: الملتقى استكتابي نستقبل فيه الملخصات والبحوث كاملة لتنشر في كتاب جامع باسم المخبر والنادي، على أن نرشح بعضها لتأطير محاور الملتقى، مع فتح باب المشاركة والتعقيب والإفادة والحضور لمن رغب في ذلك.
تنبيه خاص: لا تتحمل الجهة المنظمة تكاليف الرحلات والإطعام والمبيت، وإنما تساعد في حجز الأماكن على الطيران والفنادق فقط.