ينظم مختبر التأويليات والدراسات النصية واللسانية بشراكة مع مؤسسة (مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث) مؤتمراً علمياً دولياً بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، جامعة عبد المالك السعدي، تطوان في موضوع:«التأويليات والفكر العربي» أيام 01و 02و 03أبريل 2020
الأرضية العلمية للمؤتمر:
تتعدد الحوافز والمسوغات التي توجه اليوم الاهتمام الملحوظ بالتأويليات في الفكر العربي، وتتنوع الخلفيات التي أسهمت في تشكل هذا الاهتمام وتناميه. فالعلاقة التي شرع
الفكر العربي في نسجها بالتأويليات وطائفة من تياراتها خلال العقود المتأخرة تندرج بوجه عام في سياق مواصلة هذا الفكر سعيه إلى تجديد ذاته وتطوير أسئلته بما يتيح له التفاعل المنتج مع مقتضيات العصر، والإفادة من منجزاته ومكتسباته. ذلك أنه منذ الإرهاصات الأولى لانبثاق الوعي النهضوي أخذ الفكر العربي يبحث عن الروافد التي يستطيع بها استئناف ديناميته، واسترسل بلا انقطاع في استشراف الانفتاحات التي تسمح بإثراء إنتاجيته وتوسيعها.
غير أن اللافت للنظر في العلاقة التي بدأ الفكر العربي يقيمها بالتأويليات وينفتح من خلالها على قضاياها وإشكالاتها هو اختلافها النوعي عن العلاقات السابقة التي كان قد
أقامها بمجموعة من التوجهات والنزعات الحديثة في الفكر الإنساني. فالتيارات الفكرية الكبرى التي جرى الاقتراب منها (كالليبرالية، والمادية، والوضعية، والوجودية، والبنيوية وغيرها) ارتبطت تمثلاتها الأولى في الفكر العربي بكونها تنطوي على أنساق برنامجية شاملة لجميع الأجوبة والحلول الكفيلة بمجاوزة ما يبدو أنه معضلات تاريخية وموضوعية تعترض هذا الفكر، وإشكالات معرفية تواجه مجالات اهتمامه.
لقد نُظر إلى الانفتاح على مثل هذه التيارات كما لو كان اهتداء إلى منظومات فكرية متكاملة تتسع لخزان لا ينضب من الحلول والتشخيصات العلاجية لمعاطب الفكر وتعقيدات الواقع على حد سواء. وكان المقبلون عليها في الغالب والمستضيئون بتصوراتها يصدرون عن الإقرار بنجاعتها، والاقتناع بصلاحية وعودها النظرية وكفاية أطرها التفسيرية. لم يستشكل هؤلاء أيا من قدرات هذه المنظومات وإمكاناتها، واستحالت عندهم إلى ما يشبه سرديات جامعة مانعة ) (métarécitsمتصفةً بالكمال ومأمونةً حقائقُها ومرتكزاتها من كل انتقاض. ولهذا أضفوا كثيرا من الحظوة والمشروعية على تحليلاتها وتفسيراتها الشمولية للإشكالات المتصلة بالمجتمع واللغة والثقافة والتاريخ. فكان أن وجد الفكر العربي نفسه وهو يتبنى تلكم المنظومات كما لو أنه عثر فيها على ما يلزمه من مرجعيات فكرية ُصلبة يسد بها حالة "الخصاص" و"العقم" التي يشكو منها، ويستوحي من خلالها بعض بواعث "اكتفائه" و"نمائه".
لكن التسليم بصلابة هذه المرجعيات، والاطمئنان إلى وجاهة تصوراتها سرعان ما سيغدوان موضوع مساءلة وارتياب بفعل اتساع دائرة التعرف على تلكم المرجعيات
وغيرها، وتعميق الاطلاع على التحولات التي تشهدها في منابعها، والاحتكاك بالقراءات والمراجعات النقدية التي ما فتئت تستجد حولها. وقد كان لتلقي هذه الأشكال الجديدة من القراءات بالغ الأثر في زحزحة مجموعة من الاقتناعات التي استقرت في الفكر العربي مع بدايات انفتاحه على التيارات والمنظومات التي ألمحنا إليها. بل إن علاقته بها وصيغ تمثله لمنازعها الفكرية باتت أيضا عرضة للمراجعة، وبدأت تتسرب إليها أسباب غير قليلة من الاحتراز والتيقظ.
وقد التأم هذا التلقي في مجمله ضمن تعبيرات فكرية ذات وجهات نقدية صريحة ومتنوعة يجمع بينها التقاط الآثار المترتبة على ما تعرفه كبريات المنظومات الفكرية
الكونية في مظانها من مراجعات متواصلة، والوع ُي بالانعطافات التي باتت تخترقها، ووجو ِه الاستشكال و"التأزيم" التي أصبحت موضوعا لها. وقد انعكست هذه الآثار بدرجات متفاوتة في هذه التعبيرات، فازداد اهتمامها بالنقد وارتفع منسوب توسلها به إلى الحد الذي انتهى بعضها إلى الدفاع بوضوح عن وجوب اعتماد استراتيجية نقدية معمّمة ومزدوجة بقدر ما تضطلع بمساءلة منطلقات فكر الآخر، والمشاركة في تقويض البؤر الميتافيزيقية الثاوية في مقولاته المرجعية؛ تضطلع أيضا بمساءلة المصادر التراثية للفكر العربي، وتفكيك ترسبات منازعها الميتافيزيقية، وكسر القيود والانسدادات المطوقة لتعددها ورحابتها.
وما من شك في أن هذه التعبيرات النقدية التي تتخذ في الفكر العربي أبعادا متباينة (تاريخانية، إيبستيمولوجية، تفكيكية، ما بعد استعمارية، إلخ) لا تعرب من داخل هذا الفكر
إلا عن حيوية الموقع الذي صار النقد يشغله فيه، والوعي بأن المراجعة والنقد هما من صميم المهام التي تلازم كل فكر، ومن مقوماته المحايثة التي يظل بها حدثا حيا مشتبكا
بشؤون العالم وملتبسا بصيرورته. وبذلك استطاعت تلكم التعبيرات أن تحدث في خضم الفكر العربي فجوة فاصلة بين شكلين من تلقي المرجعيات الفكرية الكونية: شكل سابق ميزه تقبل هذه المرجعيات والاستكانة إلى عديد من مسلماتها (التقدم، التحرر، العقلانية، العلم،
الحداثة، الديمقراطية، إلخ)؛ وشكل لاحق أخذ يميل تدريجيا إلى النقد والمساءلة إما بدافع من تغليب نسبية تداولية تقضي بمراعاة سياقات الفكر العربي ومقتضيات أحواله، وإما بدافع من كونية المراجعات النقدية التي ما فتئ الفكر الإنساني يخوض فيها ويعمقها.
وفي ضوء هذا يمكن القول إن الانفتاح الذي يحصل اليوم في الفكر العربي على التأويليات ) (hermeneutics/herméneutiqueيجد تفسيره في الوعي الذي أحدثته الفجوة المشار إليها، ويندرج في ما ترتب عليها من شكل مغاير لتلقي مرجعيات الفكر الكوني. ذلك أن المنفتحين على التأويليات لا يرومون الوقوع فيها على مقومات "فكر قوي" قادر على اقتراح فهوم شمولية للقضايا والموضوعات التي ينشغل بها؛ كما أنهم لا ينشدون فيها الاتكاء على أية "حصانة" نابعة من دفاعها عن أطروحة، أو من اعتمادها على صرامة سلطة ما علمية أو منهجية. إن التأويليات لا تعدو أن تكون فكرا واعيا وعيا حادا بـ"هشاشته،" وبنسبية فهومه وتقديراته التي يهتدي إليها وهو يتعقب المعاني ويستقرئ تحولات تجلياتها الزمنية في اللغات والنصوص. إنها لا تبشر بأية "نجاحات"، ولا تقطع على نفسها أية تعهدات أو إجراءات حاسمة تتحول بموجبها إلى ضرب من الفكر المغلق المتيقن من معتقداته، والمطمئن إلى سلطه ومصادراته. كما أنها لا تدعو إلى أي نزوع مذهبي يتعين احتذاء حدوده ورسومه وهي تروم فهم المعاني ومقاربتها؛ إنها أبعد ما تكون عن ذلك، لكونها لا ترتبط في الوعي التأويلي المعاصر بتوخي تثبيت "حقائق" وتأبيدها، وإنما بتوليد فهوم وإبداع "تأويلات".
وعلى هذا الأساس لا يمكن أن نلفي عند المشتغلين حاليا بالتأويليات في فكرنا العربي، ولا حتى عند من سبقوهم في تدشين بداية الاهتمام بها أ َّي ميل إلى الادعاء بأنهم أرباب
"مشروعات" فكرية شاملة ومتكاملة، وبأنهم استطاعوا بانفتاحهم على الاجتهادات التأويلية المعاصرة أن يشتقوا منها الأنساق الفهمية الكافية والشافية لكل شجون الفكر العربي وشؤونه. مثل هذا لا يمكن أن نلفيه عند مهتم يقظ بالتأويليات ومتنبه لأسئلتها ومشاغلها؛ لأنه منذ البداية يجد نفسه أمام فكر يتيح له غير ذلك، يتيح له إمكان التشبع بثقافة تأويلية منفتحة ومرنة تجعل من الاحتفاء بالتسامح، والاعتداد بالاختلاف، واستلهام التنسيب بعضا من مسالكها المعرفية والقيمية إلى درء عنف التطابق والاختزال، ودفع قساوة الطمس والاستئصال. وبذلك يدرك هذا المهتم أنه لن يظفر في التأويليات إلا بما يفتح أمامه سبل تقصي وجوه التعدد، وتعقب أسباب الاحتمال، وتجنب الركون إلى الأحادية الموقعة في المصادرة والانحسام.
ما تتيحه التأويليات إذن لا يعدو اقتراح مسالك هادية إلى تقديرات واحتمالات فهمية قابلة للمفاضلة والترجيح، وليس تشييد وثوقيات أو طلب يقينيات. إنها فكر مراسي ينصرف إلى فهم معاني الآثار اللغوية والنصية، وتشخيص ما لا يكف يتوالد فيها من خروق حية وفجوات مبدعة. وهي بهذا تمدنا بالمهارات الفكرية والاجتهادية التي تسمح بالنزول إلى حيث يكمن الخلق ويتجلى الإبداع عوض الاستكانة إلى حيث يجثم التقليد، ويستبد التكرار والمحاكاة. بل إن بعضا من التوجهات التأويلية (مثل التأويلية النقدية) يأخذ على عاتقه تعبئة قدر واسع من إمكاناته الإجرائية لاستكشاف فرادة النصوص وإبداعيتها، والاستدلال على الوجوه التي تكون بها هذه الفرادة نابعة من قوة انفصال النص في تجربته النوعية عن سياقاته العامة والخاصة، ونقضه المواضعات الناظمة لها من خلال ما يُحدثها فيها من صدوع وتوترات خلاقة. ومن هذه الجهة تتعين النصوص بما هي كائنات تعبر وتفكر، وتتحدد بما هي خبرات متفاوتة يختلف بعضها عن بعض. وهو الأمر الذي يصبح معه كل نزوع إلى استئصال الاختلافات الفاصلة بين الخبرات النصية وإدخالها قسرا تحت طائلة التنميط ضربا من "الأصولية" التي تفقد بموجبها هذه الخبرة أو تلك مقوماتها الوجودية والحياتية، وتضيع مكامن فرادتها وإبداعيتها.
لذلكم تمثل التأويليات في عصرنا الراهن أفقا للفكر يتعارض معرفيا وقيميا على نحو جذري مع كل نزعة ميتافيزيقية ترتد فيها النصوص إلى خطاطات مجردة مغلقة ونهائية،
ويُستبعد في نطاقها كل نظر إلى هذا النص أو ذاك بما هو خبرة حية تحدث في العالم، وتلتبس بحدود زمنيته. فالتأويليات لا تروم من اهتمامها بالمعاني واحتفائها بالنصوص غير البح ِث عن أقوم المسالك الموصلة إلى الفهم، والاهتدا ِء إلى أنسب الشروط المفضية إلى إمكانه. وبهذا يمتنع في الوعي التأويلي المعاصر أي لقاء من قريب أو من بعيد بين الهيرمنوطيقا والميتافيزيقا، وينتفي كل تقاطع بينهما على أرضية النصوص ومجريات تحققها. فإذا كانت الهيرمينوطيقا تميل إلى محاورة النصوص، وتجنح إلى الاعتراف بغيريتها واستقصاء مواطن تعددها وإبداعيتها؛ فإن الميتافيزيقا تقذف بها إلى جهة الاختزال والتنميط، وتشدد الخناق عليها في مقولات متطابقة لا يظهر منها إلا ما يحيل على العنف والإكراه.
ومن هذه الجهة تُنعت التأويليات بأنها مولود طبيعي لفكر ما بعد الحداثة لا بوصفه امتدادا زمنيا خطيا لفكر الحداثة، وإنما بوصفه نقدا للانسدادات التي آلت إليها الحداثة من
جراء تسييد الذات، والعدول بالعقل عن مقاصده التنويرية، وعزله عن تحيزاته التاريخية وجذوره الحياتية، واستحالته في النهاية إلى أداة للسيطرة و"التشييئ." وقد أفرز هذا التحول انبثاق عصر تأويلي ما انفكت ملامحه تتخلق وتتشكل، وما برحت مسالكه تتشعب وتتشابك بصورة يظهر معها ما ينبئ بتراجع مقاييس وسلط معرفية كانت إلى أمد قريب تُحسب من الطرق المرجعية الموصلة إلى الحقيقة، والمستحكمة في معيارية تحديدها. إذ لم تعد الحقيقة ما يقضي بها العلم الحق فحسب، وأن ما دونها مجرد هوامش من المجاز والخيال. لقد تشذرت تجربة الحقيقة وتفرقت بها السبل لتغدو تجارب متعددة ومتفاوتة بتفاوت المجالات العلمية والجمالية والدينية والتاريخية التي تتحقق فيها. وأمسى من يفاضل بين هذه التجارب استنادا إلى صرامة بعضها وهشاشة بعضها الآخر، أو من يختزل بعضها في بعض كمن يرتد بالحقيقة إلى "وحدانية منطقية" تخرقها تجربة الحقيقة ذاتها وتدحضها؛ أو بعبارة أخرى أمسى كمن يُخلِّط تداوليا بين أشكال متباينة من الاستعمالات (لغوية، أدبية، علمية، سياسية، قانونية، إلخ) لا تجري عليها القواعد نفسها، ولا تفيد القصود ذاتها؛ لانبناء كل شكل منها على منطق مخصوص يمتنع معه رد الأشكال الأخرى من حيث الاستعمال والإفادة إلى منطق مثال حتى ولو كان هذا المنطق يتسم بأعلى مراتب الدقة والشمول كالمنطق الرياضي. فقد بات واضحا كيف كان هذا الأسلوب من الرد ) (réductionيؤدي إلى نزع صفة الحقيقة عن طبقات واسعة من الاستعمالات الجمالية أو الأخلاقية أو غيرها بحجة عدم امتثالها لمعيارية الحقيقة على نحو ما هي ُمق َّعدة في النموذج المنطقي الرياضي.
كما يضاف إلى هذا أن ما صارت إليه العلاقة بين العلوم والمعارف منذ بضعة عقود من تحول متسارع في هيئتها بدأت تلوح منه هندسة جديدة للعمل العلمي قوامها مد جسور
الحوار بين ثقافة العلوم الإنسانية وثقافة العلوم الدقيقة، والوصل بينها على نحو يقوض تقاطباتها الحدية ويوطد أواصر التفاعل والتواصل في ما بينها، فضلا عن الموقع المستجد الذي أصبحت في هذه الهندسة تحتله العلوم المعرفية ) (sciences cognitivesالناشئة بصورة آخذة في التنامي والتعاظم...
تلكم إذن كانت جملة من العناصر والسمات العامة التي ارتأينا إثارتها في هذه الورقة العلمية حول المرتبة الفكرية التي أضحت تمثلها التأويليات في تجربة الفكر الإنساني؛ وهي السمات والعناصر التي نتصور أن عددا من المنفتحين على التأويليات في فكرنا العربي يستحضرها، ويُسند إليها هذه الدرجة أو تلك من العناية والاهتمام. وقد يكون من المناسب هنا الإشارة إلى أن النهج الذي سار عليه الفكر العربي في انفتاحه على أبرز الاجتهادات التأويلية الكونية هو نهج تتجاور فيه ثلاث واجهات بحثية: إحداها تُعنى بترجمة عينة من المصنفات المرجعية في التأويليات، ونقل ما تتضمنه من مشاغل متعددة فلسفية ولغوية وجمالية ودينية وتراثية إلى القارئ العربي. والثانية تهتم بالتعريف بالتأويليات، وتقريب عديد من الإشكالات النظرية والمعرفية التي تنتظمها، والإقدام أحيانا على مناقشة جملة من تصوراتها وطرائقها في الفهم. أما الواجهة الثالثة فتنشغل بالتقاليد التأويلية التراثية كما ظهرت في المجال العربي الإسلامي القديم، وتعمد إلى بحثها من زاويا نظر مختلفة يتجه بعضها إلى استعادة هذه التقاليد إما من خلال تحقيق جمهرة من متونها، وإما من خلال وصفها وتصنيف مذاهبها الكلامية والفقهية والتفسيرية وغيرها، (مع الإلماع إلى أن المشتغلين في حدود هذه الزاوية قلما يكونون معنيين بالأفق الحديث والمعاصر للتأويليات، بل نجد فئة عريضة منهم تبدي تحفظها وتوجسها الصريحين من الانفتاح على هذين الأفقين.) في حين يذهب بعضها الآخر إلى عقد موازنات خارجية وعامة بين هذه التقاليد وطائفة من المنظورات التأويلية الحديثة والمعاصرة. أما بعضها الثالث فيجعل من تلكم التقاليد موضوعا للدراسة والبحث في ضوء المرجعيات التصورية الراهنة للتأويليات، أو في ضوء طائفة من المرجعيات المعرفية المستجدة كالمرجعية اللسانية أو السيميائية أو البلاغية أو التفكيكية...
ومن المؤكد أن تشخيصا دقيقا لهذا النهج وتتبعا كاشفا لمناحيه من قبل الباحثين المشاركين في هذا المؤتمر لمن شأنهما إبراز طبيعة المشاغل التأويلية التي يخوض فيها
الفكر العربي المعاصر من جهة، واستجلاء نوع النواظم المعرفية التي ينهض عليها من جهة ثانية في تعامله المزدوج مع المرجعيات الكونية الراهنة للتأويليات، ومع مصادره التأويلية التراثية. كما يسمح ذلك ببيان المقاصد التي تقف وراء الاهتمام العربي بالتأويليات، وملامسة الإمكانات التي يفتحها إن على صعيد مقاربة الوقائع النصية وتغيير العادات الجارية في النظر إليها، أو على صعيد تنويع المسالك المعرفية التي يتوسل بها في الوفاء بمتطلبات الفهم والتأويل.
ولعل ما يحفزنا على مساءلة المشاغل التأويلية لفكرنا العربي المعاصر هو أنها ستمكننا من رصد التوجهات الراهنة لهذا الفكر، والوقوف على نوع الإضافات التي انتهى
إليها سواء في تفاعله مع المرجعيات الكونية للتأويليات، أو في تفعيله للتقاليد التأويلية العربية الإسلامية وتجديد فهمها.
لذلك نقترح مجموعة من الإشكالات والمحاور البحثية الأفقية لتكون موضوعا للتفكير والدراسة في أشغال هذا المؤتمر:
1- التأويليات الحديثة: المنطلقات - المدارس - الأسئلة والاستشكالات الجديدة
وينصرف الاهتمام في هذا المحور إلى أسئلة التأويليات الحديثة والمعاصرة على نحو ما تتعين في مرجعياتها الكونية؛ وذلك من خلال بحث منطلقاتها المعرفية وتوجهاتها النظرية، ومساءلة طرائق خوضها في قضاياها وموضوعاتها. كما ينصرف أيضا إلى مساءلة الموقع الذي تشغله تلكم المرجعيات في الفكر العربي، وبيان طبيعة المكاسب التي يُح ِّصلها من جراء انفتاحه على عدد من الاجتهادات التأويلية المعاصرة، وإلى أي مدى يستثمر هذا الفكر كل الإمكانات المتاحة في التأويليات على تفاوت اجتهاداتها وتباينها؟ وما هي أبرز التوجهات التأويلية التي ينفتح عليها ويتفاعل معها؟ وهل من إضافات "سياقية" استطاع أن يقدمها للتأويليات بما يجوز معه الحديث صراحة عن إسهام عربي كمي أو نوعي في هذا الخصوص؟
2- التأويليات العربية:
أ- التراث التأويلي: المدارس والنظريات والممارسات التأويلية.
ب- رهانات التجدد التأويلي: الإمكانات والحدود.
أما المحور الثاني فنتدراس فيه طبيعة التمثلات التي يؤسس عليها الفكر العربي علاقته بالتقاليد التأويلية التراثية؛ ومن هذا نتساءل عن نوع الإبدالات ()paradigmes التأويلية التي تحكم تواتر هذه التقاليد وتعاقبها؟ وإلى أي حد يمكن تجديد النظر إليها في ضوء عقد مواجهة بينها وبين منجزات العقل التأويلي المعاصر؟ وما هي أهم الآثار الفكرية المترتبة على هذه المواجهة في تخصيب شروط انبثاق تأويليات عربية؟ وهل بإمكان حوار معرفي هادئ بين التأويليات المعاصرة وتقاليدنا التأويلية أن يفضي إلى اجتهادات تأويلية جديدة قادرة على التورط الإيجابي في شؤون العصر والاشتباك المنتج مع إبداعاته وإنتاجاته؟ وإلى أي حد يمكننا الحديث عن رهانات ممكنة للتجدد والانفتاح التأويليين؟
3- إشكالات وآفاق تأويلية:
في حين نخصص المحور الأخير لجملة من الإشكالات التي تتصل بتطوير مقاربات تأويلية نصية سواء في الحقل الفلسفي أو الأدبي أو الديني أو التاريخي، مع التساؤل عن قيمة المجهود النظري والتحليلي الذي بُذل في هذا الخصوص، واستكشاف الاستلزامات المعرفية للمنجز التأويلي العربي المعاصر، واستشراف أبعاد فكرية كفيلة بإثراء الوعي التأويلي العربي بما يتيح تجديد النظر إلى النصوص والتفاعل المنتج معها.
4- مائدة مستديرة: تأويليات النص الديني
أ- التأويليات القديمة.
ب- المقاربات التأويلية الحديثة والمعاصرة.
هذا وقد ارتأى المنظمون أن يختتم المؤتمر أشغاله بمائدة مستديرة تناقش موضوع التمثلات التأويلية القديمة والحديثة للنص الديني، وتفكر في الخلفيات الفلسفية والمعرفية
التي تستند إليها، وتطارح الرؤى والاقتراحات الجادة القادرة على فتح آفاق خلاقة ومتجددة أمام تلكم التمثلات...
إعداد: محمد الحيرش
............................................
أجل المشاركة:
نحيط الراغبين في المشاركة علما الالتزام بالمواعيد الآتية:
- آخر أجل للتوصل بملخص البحث هو: .2019/09/30
- ملخص البحث في 500 كلمة.
- سيتم التواصل مع ذوي الملخصات المقبولة فقط قصد إرسال بحوثهم.
- آخر أجل للتوصل بالبحث كاملاً هو: .2019/12/31
- الرد على البحوث المقبولة بعد التحكيم العلمي: .2020/01/30
- إرسال الدعوات الرسمية للمشاركين: .2020/02/15
شروط البحث:
- ترسل البحوث باللغة العربية ببرنامج ) (wordبخط )(simplifiedarabic بحجم 16في المتن و 12في الهامش.
- يشترط في البحث أن لا يكون منشورا من قبل.
- ينبغي أن يكون نص البحث ما بين 6000و 8000كلمة.
- يرفق البحث في أعلاه بملخص في حدود 100 كلمة باللغة العربية.
- أن تحترم الضوابط العلمية والأكاديمية في كل ما يتعلق بالتوثيق الدقيق للمصادر والمراجع والهوامش التي تثبت متسلسلة في أسفل كل صفحة.
- تعرض البحوث على محكمين من ذوي الاختصاص والخبرة العالية.
- استمارة طلب المشاركة والملخص (في ملف مرافق)
عنوان المراسلة :
labo.hermel01@gmail.com
workshop@mominoun.com
ملاحظات:
تتكفل الجهات المنظمة بـ:
- الإقامة والتغذية بالنسبة إلى المشاركين في المؤتمر.
- نشر البحوث المقبولة في كتاب جماعي يصدر مع موعد انعقاد المؤتمر.
الإشراف والتنسيق العلمي:
د. محمد الحيرش/ مختبر التأويليات والدراسات النصية واللسانية، كلية الآداب، تطوان.
د. صابر مولاي أحمد / قسم الندوات، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.